كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

وفيه: (يا عمر، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه):
إذا خرجت نخلتان وثلاث من أصل واحد، فكل واحدة منهن صنو، ويقال: ركيتان صنوان: إذا تقاربتا ونبعتا من عين واحدة، أراد: أن أباه والعباس من أرومة واحدة، وأنه منه بمثابة الأب، ويقال للمثل: الصنو، أي: مثل أبيه، فمن الأدب- بل من الواجب- أن لا يسمعه فيه ما يعود منه نقيصة عليه.
[1203] ومنه: حديث أبي حميد الساعدي- رضي الله عنه: (استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأزد، يقال لهك ابن اللتبية .. الحديث):
الأزد: جرثومة من جراثيم قحطان، ويقال: الأزد، والأسد بالسين أفصح، وبالزاي أكثر استعمالاً ولعل ذلك لمجانبتهم عن موقع الاشتباه؛ فإنك إذا قلت: الأسدي اشتبه بالأسدي).
وإنما قيل لهم: الأسد والأزد؛ لأن [ادراء] بن الغوث كان رجلاً كثير المعروف، وكان الرجل يلقى الرجل، فيقول: أسدي إلى [دراء] يداً والأزدي إلى يداً، [فبدل].
فكثر هذا حتى سمى به، فقالوا: الأسد والأزد.
وابن اللتبية رجل منهم استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدقات بني سليم، واسمه عبد الله، وقد اشتهر بالنسبة إلى أمه، ولم يذكر لها اسم، وقد اشتهرت عليه بالنسبة إلى (بني لتب) بضم اللام وإسكان التاء، بطن من العرب، ومن الرواة من يرويه: (ابن الأتبية) بالألف بدل اللام؛ وليس بشيء، ولا اعتداد به.
وفيه: (إن كان بعير له رغاء، أو بقرة (له) خوار، أو شاه تيعر):
الرغاء: صوت ذوات الخف [140/أ]، وقد رغا البعير يرغو رغاء: أذا ضج، وفي المثل: كفي برغائها منادياً، وتيعر، أي: تصيح؛ يقال: يعرت العنز، تيعر- بالكسر- يعاراً بالضم أي: صاحت.
وفي (كتاب عمر بن أقصى): (إن لهم الياعرة) أي: ماله يعار، وفي روايته من هذا الحديث (أو شاة لها يعار)، وهذه الرواية أشبه بنسق الكلام، إلا أن الرواية الأخرى أشهر وأصح، ومعناه على بناء المضارع: (أو شاة لا تزال تيعر، أو صفتها تيعر).
قلت: ولما كان الرغاء والخوار من الأصوات التي يسمعها البعيد كما يسمعها القريب- قال: له رغاء،

الصفحة 415