كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

وبدوابهم يقودهم إلى جنبه كهيئة المجنوب إلى حيث يحب أن تحمل ليزكيهم هنالك، وأرى هذا الوجه أشبه بنسق الكلام، وإن لم أجده في كتب أصحاب الغريب، وذلك لأن حكم النهي على صفة الحديث متعلق بالأخذ دون المعطى.
وإذا فسرنا الجنب على أن أصحاب الأموال لا يجنبون عن مواضعهم تعلق حكم النهي بالمعطى، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (وإنما يؤخذ صدقاتهم في دورهم)، والجنب يفسر: بأن يركب فرساً فيركضه وقد أجنب معه فرساً آخر ليركبه إذا قارب الغاية فيسبق صاحبه ولا وجه له ههنا لما ذكرنا، ومعنى (في دورهم) أي: في منازلهم، وحيث يحلونها من محلاتهم، ومنه الحديث: (ما بقيت دار لأبني فيها مسجداً) أي محلة.
[1211] ومنه حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال: ألا من ولى يتماً له مال- الحديث. روى هذا الحديث المثنى بن الصباح عن عمرة بن شعيب عن أبيه عن جده، والمثنى بن الصباح يضعف في الحديث، وصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيه كلام من تدليس وتعمية وأبهام.

ومن باب ما تجب فيه الزكاة
(من الصحاح)
[1212] حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة .. الحديث).
الوسق: ستون صاعاً، وقال الخليل: الوسق حمل البعير، والوقر حمل البغل أو الحمار.
قلت: الوسق من أوسقت الشيء، أي: جمعته وحملته فالمعنيان في الوسق مبنيان على ما ذكرنا في معنى وسقت الشيء.
وفيه: (وليس فيما دون خمس أواق) الأوقية أربعون درهماً، يقال: أوقية وأواقي، كما يقال بختية وبخاتي غير مصروفة لأنها على زنة جمع الجمع، ولك أن تخفف الياء، ويقال أيضاً في جمعها: أواق بلا

الصفحة 418