كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

العجماء: البهيمة، وإنما سميت عجماء؛ لأنها لا تتكلم، وكل من لا يقدر على الكلام أصلاً فهو أعجم ومستعجم.
وقوله: (جبار) أي هدر، يقال: ذهب دمه جبار، أي هدراً، والمراد من العجماء التي جرحها جبار: الدابة المنفلتة من صاحبها ليس لها قائد ولا راكب يسلك بها سواء السبيل فمن جرحته أو أتلفته فلا دية فيه ولا غرامة، وإنما يكون ذلك جناية ذات ضمان إذا انضم إليها صنع من صاحبها سائقاً أو قائداً أو راكباً، فلا (يصرفها) إلى وجهها ولا يردعها.
وفيه: (والبئر جبار ...) أي إذا انهار البئر التي يأمر الإنسان بحفرها في ملكه، أو المعدن على من يعمل فيهما فهلك، لم يؤخذ به مستأجره، وفي البئر وجه آخر، وهو أن يحفر الإنسان بفلاة من الارض بئراً يستقي منها أبناء السبيل فيقع فيها إنسان فيهلك، لا يلزم الحافر شيء.
وفيه: (وفي الركاز الخمس ...)، قيل دفين أهل الجاهلية، كأنه ركز في الأرض ركزاً، ومنه نقول: أركز الرجل، إذا وجد الركاز، وهو عند أهل الحجاز المال العادي على ما ذكرناه، وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: المراد منه في الحديث: المعدن، واستدل بحديث عمرة بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً سال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجد في الخراب العادي، فقال: فيه وفي الركاز الخمس، فقال: أخبر بدءاً عن المال المدفون، ثم عطف عليه الركاز والمعطوف غير المعطوف عليه.
وقد ذكر أبو بكر الرازي بإسناده عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (في الركاز الخمس) قالوا: يا رسول الله، وما الركاز؟ قال: الذهب والفضة الذي خلق الله في الأرض يوم خلقه).
قلت: حديث عبد الله بن سعيد عن أبيه (عن ....) غير محتج به، فإن أهل العلم بالجرح والتعديل تكلموا فيه، فأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فصالح، وأكثر أهل الحديث يحتجون به ويثبتونه، لاسيما إذا عرف أن الضمير في جده راجع إلى أبي عمرة لا إلى عمرو إذ ليس فيه مقال إلا من هذا الوجه، وتسمية المعدن بالركاز إن لم يوجد في أهل اللغة فإنها سائغة من طريق المقاييس اللغوية، وقد نقل عن محمد بن الحسن الشيباني وهو مع رسوخه في الفقه يعد من علماء العربية أنه قال: إن العرب تقول: ركز المعدن إذا كثر [144/أ] ما فيه من الذهب والفضة.
(ومن الحسان)
[1218] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث على رضي الله عنه: (وفي البقر في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة).

الصفحة 423