كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 1)

بعد سقوط الذنب ووجوب المغفرة والاستذراء بجناب القدس وسعة الرحمة حيث لم يبق للنكير موضع ولا للملامة مسلك فلهذا قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لآدم على موسى بالفلج (فقال - صلى الله عليه وسلم - فحج آدم موسى) أي غلب عليه بالحجة فلا تقبل إذاً هذه الحجة عن عموم المكلفين لخلو قضاياهم عن تلك المعاني التي اشتملت عليها قضية آدم وموسى- عليهما السلام- وبعد هذا فليعلم الباحث عن هذا الحديث أنه وإن كان صحيحاً فإنه من جملة] الآراء [التي لا ينقطع] 9/ب [العذر دونها وقد ذكر بعض العلماء في مصنف له في الاعتقاد أن هذا الحديث لم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة ولعله نسى أو لم يبلغه الحديث يومئذ بطرقه، وهذا الحديث مخرج في كتاب أبي داود من رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد رواه الطبراني في كتابه في مسند جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
[55] ومنه (قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً). قلت: فسره ابن مسعود وهو الراوي للحديث فقال: إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشراً طارت إطارة في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دماً في الرحم فذلك جمعها. والصحابة أعلم الناس بتفسير ما سمعوه وأحقهم بتأويله وأولاهم بالصدق فيما يحدثون به وأكثرهم احتياطاً للتوقي عن خلافه فليس لمن بعدهم أن يرد عليهم والله أعلم.
[56] ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازة صبي .... الحديث) يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا القول قبل أن] أنزل [عليه في ولدان المؤمنين ما أنزل ويحتمل أنه لم يرتض هذا القول لما فيه من الحكم بالغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما إذ هو تبع لهما وفيه إرشاد للأمة إلى التوقف عند الأمور المبهمة والسكوت عما لا علم لهم به وحسن الأدب بين يدي علام الغيوب.

الصفحة 51