كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

المعنى: أن الربح في الشيء إنما يحل لمن يكون عليه الخسران؛ وذلك مثل الرجل يشترى ذات در ولم يقبضها، فليس له أن يسترد منافعها التي كانت بعد البيع وقبل القبض؛ لأنها كانت من ضمان البائع، لو هلكت في يده بغير ثمن.
وفيه: (ولاتبع ما ليس عندك).
قيل: المراد منه بيع العين لا بيع الصفة، وهو بيع السلم؛ وذلك من قبل ما يضمنه بيع الأعيان التي ليست عنده من [الفساد].
[2027] ومنه: قول ابن عمر- رضي الله عنه-: كنت أبيع الإبل بالنقيع).
النقيع- بالنون-: مستنقع بالمدينة ينبت العشب فيه عند نضوبه.
[2028] ومنه: حديث العداء بن خالد بن هوذة: (أنه أخرج كتابا ... الحديث).
حديث العداء هو حديث محفوظ، وقد ذكره البخاري في كتابه وجه الاستدلال من غير سند؛ إذ لم يكن من شرطه.
وفيه: (لا داء ولا خبثة ولا غائلة):
أراد بالداء: النوع الذي يصح بوجوده الرد، والخبثة: ما كان خبيث الأصل لا يطيب للملاك كمن سبي من أهل العهد، يقال: هذا سبي خبيثه: إذا كان ممن يحرم [95] سبيه، وهذا سبي طيبة، إذا كان ممن يحل استرقاقه، وفسروا الغائلة بالسرقة والإباق.
ومعني اللفظ: ما يختال مال المشترى من تدليس وحيلة.
وفيه: (بيع المسلم المسلم) أي: باعه بيع المسلم المسلم. وليس في ذلك ما يدل على أن المسلم إذا بايع غير أهل ملته جاز له أن يعامله بما يتضمن غبنا أو غشا. وإنما قال ذلك على سبيل المبالغة في النظر له، فإن المسلم إذا بايع المسلم يرى له من النصح أكثر مما يرى لغيره. أو أراد بذلك بيان حال المسلمين، إذا تعاقدا، فإن من حق الدين وواجب النصيحة أن يصدق كل واحد منهما صاحبه، ويبين له ما خفي عليه. ويكون التقدير: باعه بيع المسلم المسلم، أو اشتراه شرى المسلم المسلم. فاكتفى بذكر أحد طرفي العقد عن الآخر.

الصفحة 683