كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

[2029] ومنه حديث أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع حلسا وقدحا) الحلس للبعير، وهو كساء رقيق يكون تحت البردعة، هذا هو الأصل فيه، وأحلاس البيوت: ما يبسط تحت حر الثياب.
وفيه لغتان: حلس وحلس مثل شبه وشبه. وقد أشرنا إلى بيان ما هو مظنه التضاد مع هذا الحديث، من حديث أي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسم المسلم على سوم أخيه.
ومن الفصل الذي يتلوه
(من الصحاح)
[2030] حديث ابن عمر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر، فثمرتها للبائع ... الحديث) التأبير: تلقيح النخل، يقال: أبر فلان النخل، وأبرها إبارا وتأبيرا. أي: لقحها وأصلحها، فهي مأبورة ومؤبرة، وموبرة، وتأبر الفسيل: إذا قبل الإبار، وذلك بأن يؤخذ جف نخل ذكر، فيذر نثاره طلعه على ما تشقق من كفرى النخلة، فيكون ذلك- بإذن الله- أصلا في التلقيح، ومادة للثمرة.
[2031] ومنه حديث جابر- رضي الله عنه- (أنه كان على جمل قد أعيا ... الحديث) أعيا: أي: أصابه العياء، فلم يستطع المشي، يقال: أعيا الرجل في المشي، وأعياه الله كلاهما بالألف.
استدل بهذا الحديث من لا يرى الشرط الواحد مخلا بالبيع. ووجه الحديث عند من لا يرى ذلك، أن المساومة التي كانت من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن على حقيقة التبايع، وإنما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يوليه معروفا، ولم ير أن يخصه بذلك، من بين نظرائه، فيدخل [46 أ] عليهم داخل، وكان يراعى ذلك كرما وحياء، ولطفا بالمؤمنين، ولم يجد ما يسوى به بينهم في العطاء، فاتخذ المساومة ذريعة إليه، ويدل على صحة هذا التأويل

الصفحة 684