كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يأمر به وينهي عنه، وإنما عدلنا في شرح هذا الحديث عن لفظ الكتاب إلى غير ما فيه؛ لأن الكل حديث واحد، وإن اختلف طرقه. وقد أخرج البخاري هذا الحديث من طرق شتى، وفي عدة منها: (واشترطي لهم الولاء) فرأينا إهمال بعضه مخلا بالبعض، وتركنا تفسير الأوقية لما سبق فيها من القول في كتاب الزكاة، والأوقية- على ما يأتي في الأحاديث أربعون درهما، وقد دل على أن المراد منها الدراهم قول عائشة: (إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة) لأن العد إنما يستعمل في الدراهم، فإنها تنفق معدودة، وفي الحديث (في كل عام وقية) هي لغة قليلة في الأوقية.
[2034] ومنه حديثه الآخر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الخراج بالضمان) الخراج: ما يخرج من الأرض ومن كرى الحيوان ونحو ذلك: وكذلك الخرج، ويقع الخراج على الضريبة وعلى الغلة، وعلى مال الفيء وعلى الجزية، وذكر أبو عبيد أن الخراج في هذا الحديث غلة العبد [47 ب] والمراد منه: أن المشترى إذا عثر على عيب في العبد، وكان قد استعمله ثم رده، فالغلة طيبة له؛ لأن العبد حين استغله كان في ضمانه فلو هلك هلك من ماله، لا من مال البائع، فهذا بذاك، وقد أشرنا فيما قبل إلى هذا المعنى، وفسره بعضهم فقال: إنما يخرج من مال البائع، فهو بإزاء ما سقط عنه من ضمان المبيع. قول الفقهاء فيه مختلف، فمنهم من يرى ذلك في الدار والدابة والعبد، ومنهم من يراه في جميع ما حدث عن المبيع في ملك المشترى، ومنهم من قال غير ذلك، وهذا الحديث، وإن كان ضعيفا عند علماء النقل، فإنه معمول به عند الفقهاء.

الصفحة 687