كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

[2135] حديث أسمر بن مضرس الطائي- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من سبق إلى ماء لم يسبقه إليه مسلم فهو له).
[2136] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أرسله طاوس: (وعادى الارض لله ولرسوله) المراد منه، ما لم يعرف له مالك. وشيء عادى، أي: قديم. كأنه منسوب إلى عاد قوم هد- عليه السلام- والعرب تنسب الشيء إليهم إن لم تدركهم.
[2137] ومنه: ما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أقطع لعبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- الدور ... الحديث) أقطع له، أي: جعلها قطيعه له، أو ميزها له عن غيرها. والظاهر أنه أقطعه العرصة، ليبني فيها. والعرب تسمي المنزل داراً قبل البناء. وقد قيل في أصل هذه التسمية، أنهم كانوا يأخذون الرمح فيخطون به الدائرة قبل التحجير والإحاطة.
وفي الحديث: (أنه أقطع المهاجرين الدور بالمدينة) فوول على ما ذكرنا من إقطاع العرصة. وقيل: أفطعهم الدور عارية، والأول أظهر لما في الحديث: أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنهما- ورثته داره بالمدينة، ولم يكن لعبد الله دار سواها.
وفيه: (وهي بين ظهراني عمارة الانصار). يقال: هو نازل بين ظهري القوم، وبين ظهرانيهم- بفتح النون أي: بينهم، وأقران [59 أ] الظهر: الذين يجيئون من وراء ظهرك في الحرب. وإنما قيل: بين ظهيرهم وظهرانيهم وأظهرهم؛ ليكون دالا على الاستظهار بهم والاستناد إليهم، وكأن معنى التثنية فيه: أن ظهراً منهم قدامه وآخر وراءه، فهو مكنوف من جانبيه، ثم اتسعوا فيه، فاستعملوه في الإقامة بين القوم، وإن لم يكن مكنوفاً، وإنما زيدت الالف والنون في ظهرانيهم للتأكيد كما زيدت في النفساني للعيون، وفي الصيدلاني في النسبة إلى الصيدال، وهو أصل الأشياء وجواهرها.

الصفحة 717