كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

أعمرته الشيء. أي: جعلته له مدة عمره، أو مدة عمري. وكانوا يرون أنها ترجع بعد وفاء المعمر إلى المعمر، قال لبيد:
وما المال إلا معمرات ودائع
هذا قول أهل اللغة. وإلى معناه يذهب بعض أهل العلم، فيرى أن العمرى تمليك المنفعة دون تمليك الرقبة. والأكثرون على أن العمرى: اسم من: أعمرتك الشيء، أي: جعلته لك مدة عمرك. وعلى أنها لا ترجع إلى المعمر؛ لأنه أوجب الملك في الحال، وعلق الفخ بخطر، فلا عبرة له، ويصير حكمه بعد موت المعمر كحكم سائر أمواله.
ويدل على صحة ما ذهبوا إليه الحديثان المتعاقبان بعد هذا الحديث، عن جابر. فإن قيل: أو ليس الحديث الذي بعدهما عن جابر أيضاً، ويدل على خلاف ما ذهبوا إليه. قلنا: ذاك تأويل حدث به جابر، عن رأي واجتهاد. وأحاديثه التي رواها عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على خلافة مع ما يعضد قول [60 أ] الجماعة من النظر.
(ومن الحسان)
[2145] حديث جابر- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا تعمروا ولا ترقبوا ... الحديث) أرقب الرجل: إذا قال لصاحبه: وهبت منك كذا، فأن مت قبلك فهي لك، وإن مت قبلي فهي لي. والاسم منه الرقبى. وهي من المراقبة؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه. وذهب بعض العلماء إلى أن الرقبى ليست بتمليك؛ لأن الملك لا يجوز تعليقه بخطر حال الحياة.

الصفحة 719