كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 2)

أي: الصفة الذميمة، وأي وصف أخس من وصف يشابهه في الكلاب،. ومحمل هذا القول عند من يرى الرجوع في الهبة عن الاجنبي أنه على [التنزيه] وكراهة الرجوع، لا على التحريم. ويستدل بحديث عمر- رضي الله عنه- حين أراد شرى فرس حمل عليه في سبيل الله، فسأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (لا تبتعه، وإن أعطاكه بدرهم، ولا تعد في صدقتك؛ فإن العائد في صدقة كالكلب يعود في قيئه) قال: فكما لم يكن هذا القول موجباً حرمه ابتياع ما تصدق به، فكذلك هذا الحديث لم يكن موجباً حرمة الرجوع في الهبة.
[2151] ومن الحسان حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لواهب [60] أن يرجع فيما وهب، إلا الوالد من ولده) وهذا الحديث يأول عند أبي حنيفة- رحمه الله- على أن (لا يحل) في معنى التحذير عن ذلك الصنيع، مقول القائل: لا يحل للواجد أن يحرم سائله، ولم ير هو أيضاً الرجوع فيما وهب الواهب لذوي الرحم المحرم، ولا فيما وهبه أحد الزوجين للآخر. وقد روى فيه حديث عن عمر- رضي الله عن- موقوفاً: (من وهب هبة لذوي رحم جازت، ومن وهب هبة لغير ذي رحم، فهو أحق بها ما لم يثب منها).
وتأويل قوله: (إلا الوالد لولده) عند أبي حنيفة: أن معنى الرجوع ها هنا إباحته للوالد أن يأخذ ما وهب لابنه في وقت الحاجة إليه، كما يحل له أخذ ماله مما سوى الموهوب، ولا يقع ذلك منه موقع الرجوع من الهبة، ولا يكون مثله مثل العائد في هبته.
[2153] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-: (لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) كره قبول الهدية ممن كان الباعث له عليها طلب الاستكثار، وإنما خص المذكورين فيه بهذه الفضيلة لما عرف منهم من سخاوة النفس وعلو الهمة، وقطع النظر عن

الصفحة 721