كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

[2229] ومنه حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) العورة: السوءة وكل ما يستحيا منه، وأصلها من العارة، أي: المذمة، ولذلك سمي النساء عورة، أي أن المرأة موصوفة بهذه الصفة، وما كان هذه صفته، فمن حقه أن يستر.
ويحتمل أن يكون معنى قوله: (المرأة عورة) أنها ذات عورة، ولما كان من شأن العورة أن تكون مستورة محجوبة، ويستحيى من كشفها، ويستنكف. من هتك حرمتها، وكان شأن المرأة في تبرزها وتبرجها شببها بكشف العورة، سماها هنالك عورة، وذكر أنا إذا خرجت استشرفها الشيطان. والأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء، وبسط الكف فوق الحاجب كهيئة المستظل من الشمس، ومنه قول الحسن بن مطير:
فيا عجباً للناس يستشرفونني .... كأن لم يروا بعدي محباً ولا قبلي
وفي الحديث وجوه: أحدها: أنه ينظر إليها ويطمح ببصره نحوها، ليغويها أو يغوى بها.
وثانيها: أن أهل [الريبة] إذا رأوها بارزة من خدرها استشرفوها؛ لما بث الشيطان في نفوسهم من الشر، وألقى في قلوبهم من الزيغ، فأضاف العمل إلى الشيطان؛ لكونه الباعث على استشرافهم إياها.
وثالثها: أنه يود أنها على شرف من الأرض؛ لتكون معرضة له. وعلى هذا الوجه فسر الاستشراف في البيت الذي نقلناه من كتاب الحماسة.

الصفحة 742