كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

وفيه: (وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه) ذكر النظر تحقيق لسوء صنيعه، وتعظيم للذنب الذي ارتكبه؛ حيث لم يرض بالفرية حتى أماط جلباب الحياء عن وجهه.
[2389] ومنه: حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي امرأة لا ترد يد لامس .. الحديث) لقد غلط جمع من الناس في تأويل قول الرجل: (لا ترد يد لامس) فظنوا أنه رماها ببذل البضع لمن روادها عنه، وهذا وإن كان اللفظ يقتضيه احتمالا، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فأمسكها إذن) يأباه. ومعاذ الله أن يأذن رسول الله في إمساك من لا تماسك لها عن الفاحشة، فضلا [73/أ] من يأمر به، وإنما الوجه فيه: أن الرجل شكا إليه عنهها وخرقها وتهاونها بحفظ ما في البيت، والتسرع إلى بذل ذلك لمن أراده، فلا ترد يد لامس بل تدعه حتى يأخذ حاجته من ماله.
[2390] ومنه حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (قضى أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه .. الحديث) المستلحق: بفتح الحاء- هو طلب الورثة أن يلحقوه بهم. واستلحقه، أي: ادعاه، وذلك إذا توفي الرجل عن حمل أو ولد على فراشه بملك اليمين، فلم ينتف عنه ولم يلحقه بنفسه فاستلحقه الورثة، وبقية الحديث تكشف عن المراد.

الصفحة 784