كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

(ومن الحسان)
[2416] حديث عبد الله عمر- رضي الله عنه-: (أن رجلا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني فقير وليس لي يتيم .. الحديث) أضاف اليتيم إلى نفسه لمكان ولايته عليه بالقرابة القريبة. ولهذا رخص له أن يتناول من مال يتيمه، وذلك بأنه يأكل منه قوتا مقدرا محتاطا في تقديره على وجه الحرة، أو استقراضا، على ما في ذلك من الاختلاف. وعن بعض علماء التفسير في: {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} أنه ينزل نفسه منزلة الأجير فيما لابد منه.
وكان عمر- رضي الله عنه- يقول: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة ولى اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، وإذا أيسرت قضيت. و (المبادر) هل: الذي يبادر إلى أخذ مال اليتيم مخافة أن يبلغ فينتزع ماله من يده. (ولا متأثلا) أي: غير جامع مالا من مال اليتيم، فيتخذه أصل ماله. وقد فسر التأثل فيما قبل.
[2417] ومنه: حديث أم سلمة- رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أنه كان يقول في مرضه: الصلاة، وما ملكت أيمانكم) المعنى: أحفظوا الصلاة [75/ب] أو أحذركم الصلاة وما ملكت أيمانكم أن تضيعوها.
وقد ذهب بعض الناس في تأويل قوله: (وما ملكت أيمانكم) إلى أنه الزكاة. والأكثر والظهر أنه أراد به المماليك. وإنما قرنه بالصلاة ليعلم أن القيام بمقدار حاجتهم من الكسوة والطعام واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها، وقد ضم بعض العلماء البهائم المستملكة في هذا الحكم إلى المماليك، وإضافة الملك إلى اليمين كإضافته إلى اليد. والاكتساب والأملاك تضاف إلى الأيدي لتصرف المالك فيها وتمكنه من تحصيها باليد، وإضافتها إلى اليمين أبلغ من إضافتها إلى اليد؛ لكون اليمين أبلغ في القوة والتصرف، وأولى بتناول ما كرم وطاب.
وأرى فيه وجها آخر، وهو: أن المماليك خصوا بالإضافة إلى الإيمان تنبيها على شرف الإنسان وكرامته، وتبيينا لفضله على سائر أنواع ما يقع عليه اسم الملك، وتمييزا له بلفظ اليمين عن جميع ما احتوته الأيدي، واشتملت عليه الأملاك.
[2418] ومنه: حديث رافع بن مكيث- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (حسن الملكة يمن

الصفحة 791