كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

[2498] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي شريح الكعبي - رضي الله عنه -: (فأهله بين خيرتين إن أحبُّوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل).
الخيرة - بكسر الخاء [81/ب] وفتح الياء - الاسم من الاختيار. والعقل: الدية. قيل باعتبار عقل البعير، وقيل: عقلت القتيل أي: أعطيت ديَّته. والأصل فيه أن يعقل الإبل بفاء وليّ الدم. وقيل: لأنّه يعقل الدم أن يُسْفك.
يستدل بهذا الحديث من يرى أن كل واحد من القصاص والدية يجب لولي الدم في العمد على جهة التخيير. والذي يرى أن الواجب له القصاص لا غير فإنه يأول الحديث على أنه بين خيرتين: القصاص أالدية إن بذلت له. والوجوه التي تلجئهم إلى هذا التأويل مثبتة في كتبهم، ونحن لو استقصينا في إيراد ذلك وأمثاله أخرجنا به الكتاب عن قاعدة كتب الحديث، مع ما يتضمن ذلك من الإسهاب الممل.
[2499] ومنه حديث أنس - رضي الله عنه - (أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرتين .. الحديث) أكثر العلماء على أن المماثلة في صيغة القتل ليست بشرط وإنما رضَّ رأس اليهودي، لأنه صار في حكم قاطع الطريق بما أخذ منها من الأوضاح ثم إنه نقض العهد ففعل به ما فعل نظرا إلى ما فيه من المصالح وقد قيل يحتمل أنه كان قبل نسخ المثلة والله أعلم بصحة ذلك.

الصفحة 811