كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

مشروط بقوله: (ما لم يصب دمًا حرامًا) ولا يصح أن يصيب دمًا حرامًا في القيامة، وإنما معنى الحديث: أن المؤمن لا يزال موفَّقا في الخيرات مُسارعًا إليها ما لم يُصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب ذلك انقطع فلم يوفق للمسارعة بشؤم ما ارتكب من الإثم. يقال: بلح الرجل بلوحًا أي أعيا قال الأعشى:
واشتكى الأوصال منه وبَلَحْ
وبلحَ تبليحًا مثله. والرواية في هذا الحديث بالتشديد.
[2509] ومنه حديث أبي رمضة التيمي - رضي الله عنه - (قال دخلت مع أبي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. الحديث) أبو رمثة هذا ليس بأبي رِمْثَة البَلَوى وإنما هو أبو رمثة التيمي من تيم الرباب ويقال التميميّ. واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً فقيل: حبيب بن حيان، وقيل: حيان بن وهب، وقيل: رفاعة بن يثربي وقيل غير ذلك، والأكثر في اسم أبيه يثربي.
وفيه: (فرأى أبي الذي بظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يريد به موضع خاتم النبوة فإن ذلك كان ناتئًا عن ظهره على ما بيناه في صفة ذلك في أول الكتاب. وكان الأغمار من الأعراب يتوهَّمون أنه سلعة تولدت من فضلات البدن ولهذا قال أبوه: (دعني أعالج الذي بظهرك)؛ فقال: (أنت رفيق والله الطبيب) الرِفق والرُفق لين الجانب ولطافة الفعل أي أنت المتصدي للعلاج بلطافة الفعل وإنما الشافي المزيل للداء هو الله سبحانه ذهب في ذلك إلى مقتضى المعنى من الطبيب لا إلى مقتضاه في اللفظ. وهذا النوع من باب تحويل الكلام أي أن الذي تدعيه إنما هُو إلى الله. وفي الحديث: (طبيبها الذي خلقها) ولا يوجب هذا جواز تسمية الله [82/ب] سبحانه طبيبًا، بل الوجه في ذلك كما هو في قوله: (فإن الهل هو الدَّهر) أي الذي ينسبونه إلى الدهر، فإن الله فاعله لا الدّهر.
وفيه: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من هذا معك؟ قال: ابني فاشهد به). قد تبين لنا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -

الصفحة 814