كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (اسم الجزء: 3)

[2523] ومن الحسان حديث عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن وكان في كتابه (أن من اعتبط مؤمنا فهو قود يده .. الحديث) عمرو بن حزم استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نجران ليفقههم في الدين ويعلمهم القرآن ويأخذ صدقاتهم وذلك في السنة العاشرة وكان هو ابن سبع عشرة سنة، وكتب له كتاباً فيه الفرائض والسنن والصدقات والديات وقوله: (من اعتبط مؤمناً) أي قتله بلا جناية توجب ذلك، أخذ من قولهك: عبطت الناقة واعتبطتها: إذا ذبحتها وليست بها علة، فهي عبيطة ولحمها عبيط. ومات فلان عبطة أي شابا صحيحا ومنه قول [أمية]:
مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرمًا ... للموتِ كأسٌ والمرء ذائقها
وقوله: (فإنه قود يده) أي يقتص منه بما جنته يده من القتل والقود قتل القاتل بالقتيل يقال: أقدته به واستقدت الحاكم أي سألته أن يقتاد لي. والأصل فيه: الخضوع والانقياد وإلقاء مقادة أمر القاتل إلى وليّ المقتول.
وفيه (وفي الأنف إذا أوعب جدعُهُ) أُوعب على بناء المفعول، ويجوز أن يكون على بناء الفاعل أي أوعبه الجادع يقال: جدعه فأوعب أنفه أي: استأصله. وفي الشتم: جدعه الله جدعًا مُوعباً. وفي غير هذه الرواية (وفي الأنف إذا استوعب جدعه الدية) أي: إذا لم يترك منه شيء، فاستيعاب الشيء: استئصاله.
وفيه (وفي الجائفة ثلث الدية) قال الأصمعي: هي طعنةٌ تنفذ إلى الجوف يقال: أَجَفْتُهُ الطعنة وجفْتُهُ بها قيل: وقد تكون الجائفة التي تخالط الجوف.
وفيه (وفي المنقلة) - بكسر القاف الشجة التي تنقل العظم أي: تكسره حتى يخرج منها فراش العظام. وفي حديث حذيفة (ما منا من أحد إلا فتش عن جائفة أو منقلة) يريد: ليس منا أحد إلا وفيه عيب عظيم، فأتى بالجائفة والمنقلة على وجه التمثيل وفيه (وفي الموضحة) الموضحة: الشجة التي تبدي وضيح العظم، أي: بياضه [84/أ].
[2526] ومنه حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - (خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ثم قال: أيها الناس إنه لا حلف في الإسلام .. الحديث) الحلف - بالكسر - العهد يكون بين القوم. وقد حالفه أي:

الصفحة 818