عبد الرحمن بن حاطب: قام عمر بن الخطاب في الناس فقال: (من كان تلقى من رسول الله شيئاً من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان) (¬1).
قال أبو شامة المقدسي: http://www.khayma.com/sharii/ch2/004.htm - (8) ( وكان غرضهم ألا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي، لا من مجرد الحفظ) (¬2).
وهكذا أكملت اللجنة عملها بجمع ما كتب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - موثقاً بشهادة شاهدين على الأقل، يشهدان أنه كتب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
هل نقل شيء من القرآن بطريق الآحاد؟
ويرِد على هذا الجمع شبهة، وهي قول بعضهم: القرآن لم ينقل كله بالتواتر، بدليل أن زيد بن ثابت لم يجد خاتمة سورة براءة إلا مع خزيمة الأنصاري، وهو صحابي واحد، إذ يقول زيد: (فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم} إلى آخرهما) (¬3).
والجواب: سبق الحديث عن حفظ الصحابة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسور القرآن كلها، ومنها آيات سورة براءة، التي سأل زيد الصحابة عنها، فلم يعرفها أحد ممن سألهم إلا خزيمة الأنصاري (¬4)، أي لم يجدها مكتوبة إلا عنده، فأثبتها في مصحف أبي بكر، ويدل عليه قول زيد: (نسخت الصحف في المصاحف ففقدت
¬_________
(¬1) أخرجه ابن أبي داود في كتابه المصاحف ح (33).
(¬2) انظر: الإتقان في علوم القرآن، السيوطي (1/ 167)، وفتح الباري، ابن حجر (9/ 15).
(¬3) أخرجه البخاري ح (4679).
(¬4) وسمته بعض الروايات (أبو خزيمة).