كتاب التكفير وضوابطه - السقار
أقوال العلماء في التحذير من التكفير
أدرك علماء الإسلام فداحة القول بكفر المسلم فأطبقوا على منع التكفير إلا بدليل ساطع، لا مدافع له، إذ الشهادة بالكفر على الموحد من أعظم الزور والظلم والبهتان.
قال الشوكاني: " اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن ((من قال لأخيه: يا كافر. فقد باء بها أحدهما)) ... ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير". (¬1)
وأما ابن حزم فإنه يرى أن البرهان المطلوب للحكم بكفر المسلم ينبغي أن يكافئ ما ثبت به إسلامه، فلا يرفع عنه اسم الإسلام إلا بنص أو إجماع: "والحق هو أن كل من ثبت له عقد الإسلام، فإنه لا يزول عنه إلا بنفي (¬2) أو إجماع، وأما بالدعوى والافتراء فلا.
فوجب أن لا يكفر أحد بقول قاله إلا بأن يخالف ما قد صح عنده أن الله تعالى قاله، أو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله، فيستجيز خلاف الله تعالى وخلاف رسوله عليه الصلاة والسلام، وسواء كان ذلك في عقد دين أو في نحلة أو في فتيا، وسواء كان ما صح من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منقولاً نقل إجماع تواتراً أو نقل آحاد". (¬3)
وبمثله قال الباقلاني: "ولا يكفر بقول ولا رأي إلا إذا أجمع المسلمون على أنه لايوجد إلا من كافر، ويقوم دليل على ذلك، فيكفر". (¬4)
¬_________
(¬1) السيل الجرار (4/ 578).
(¬2) هكذا في الأصل، والصواب: (إلا بنص).
(¬3) الفصل في الملل والأهواء والنحل (3/ 392).
(¬4) فتاوى السبكي (2/ 578).
الصفحة 21
117