كتاب التكفير وضوابطه - السقار

صحة القياس، وهو إيمان هؤلاء بجميع كتب الله تعالى وجميع رسله بأعيانهم وأسمائهم إلا من جهلوه، وإنما يخالفون حين يدعون عدم العلم، ثم ظهر عليهم ما يصدق من ذلك من إقامة أركان الإسلام وتحمل المشاق العظيمة بسبب تصديق الأنبياء عليهم السلام، ولأن القياس عند المحققين من علماء المعقولات لا يكون قاطعاً، لأن الأمرين إن استويا في جميع الوجوه لم يكن قياساً، وإن وجد بينهما فارق جاز أن يكون مؤثراً في عدم استوائهما في الحكم ". (¬1)
وعليه فإن ابن الوزير يرى "أن في الحكم بتكفير المختلف في كفرهم مفسدة بينة تخالف الاحتياط ... أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، نعوذ بالله من الخطأ في الجميع، ونسأله الإصابة والسلامة والتوفيق والهداية". (¬2)
ويدعو الشوكاني إلى تلمس المعاذير للمسلمين والإحجام قبل المسارعة إلى تكفيرهم "فحينئذ تنجو من معرَّة الخطر، وتسلم من الوقوع في المحنة، فإن الإقدام على ما فيه بعض البأس لا يفعله من يشح على دينه، ولا يسمح به فيما لا فائدة فيه ولا عائدة، فكيف إذا كان يخشى على نفسه إذا أخطأ أن يكون في عداد من سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كافراً، فهذا يقود إليه العقل فضلاً عن الشرع ..
فحتم على كل مسلم أن لا يطلق كلمة الكفر إلا على من شرح بالكفر صدراً، ويقصر ما ورد مما تقدم على موارده، وهذا الحق ليس به خفاء، فدعني من بُنيات الطريق
يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ... ومنهج الحق له واضح". (¬3)
ويقول الزركشي: "فلينتبه لهذا، وليحذر ممن يبادر إلى التكفير .. فيخاف عليه أن يكفر، لأنه كفّر مسلماً". (¬4)
ويقول عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "وبالجملة فيجب على من
¬_________
(¬1) إيثار الحق على الخلق (377 - 378).
(¬2) المصدر السابق (405).
(¬3) السيل الجرار (4/ 578 - 579).
(¬4) تحفة المحتاج في شرح المنهاج (9/ 88).

الصفحة 23