كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم

11 - وإذا قال أحد من المهتدين لهؤلاء المنافقين: لا تفسدوا فى الأرض بالصدِّ عن سبيل الله، ونشر الفتنة وإيقاد نار الحرب برَّأوا أنفسهم من الفساد، وقالوا: ما نحن إلا مصلحون. وذلك لفرط غرورهم، وهذا شأن كل مفسد خبيث مغرور يزعم فساده إصلاحاً.
12 - ألا فتنبهوا أيها المؤمنون إلى أنهم هم أهل الفساد حقاً، ولكنهم لا يشعرون بفسادهم لغرورهم، ولا بسوء العاقبة التى ستصيبهم بسبب هذا النفاق.
13 - وإذا قال قائل لهم ينصحهم ويرشدهم: أقبلوا على ما يجب، وهو أن تؤمنوا إيماناً مخلصاً مثل إيمان الناس الكاملين المستجيبين لصوت العقل؛ سخروا وتهكَّموا وقالوا: لا يليق بنا أن نتبع هؤلاء الجهلاء ضعاف العقول. فرد الله عليهم تطاولهم وحكم عليهم بأنهم - وحدهم - الجهلاء الحمقى. ولكنهم لا يعلمون علماً يقيناً أن الجهل ونقص الإدراك محصور فيهم مقصور عليهم.
14 - وإذا لقى هؤلاء المنافقون المؤمنين المخلصين قالوا: آمنّا بما أنتم به مؤمنون من صدق الرسول ودعوته، ونحن معكم فى الاعتقاد، وإذا انصرفوا عنهم واجتمعوا بأصحابهم الذين يشبهون الشياطين فى الفتنة والفساد قالوا لهم: إنا معكم على طريقتكم وعملكم، وإنما كان قولنا للمؤمنين ما قلنا: استخفافاً بهم واستهزاء.
15 - والله سبحانه يجازيهم على استهزائهم، ويكتب عليهم الهوان الموجب للسخرية والاحتقار، فيعاملهم بذلك معاملة المستهزئ، ويمهلهم فى ظلمهم الفاحش الذى يجعلهم فى عمى عن الحق، ثم يأخذهم بعذابه.
16 - وهؤلاء إذ اختاروا الضلالة بدل الهداية كانوا كالتاجر الذى يختار لتجارته البضاعة الفاسدة الكاسدة فلا يربح فى تجارته، ويضيع رأس ماله، وهم فى عملهم غير مهتدين.

الصفحة 5