ويفكه من عقال المصاريف، ويجعله مجانًا للشعب كله. ويخرج قصته "الوعد الحق" مصورًا فيها ظهور الإسلام، وداعيًا إلى مثله الاشتراكية في الحياة. وينشر كتابًا باسم "بين بين"، وهو خواطر في الحياة والمجتمع. وتقوم ثورتنا المباركة ويجد مجالًا فسيحًا لنشر آرائه في السياسة والأدب، ويؤلف كتابًا عن "علي بن أبي طالب"، وكتابًا ثانيًا عن أبي بكر وعمر، وينشر كتابه "مرآة الإسلام"، كما ينشر مجاميع من مقالاته في الحياة والأدب والنقد.
وهذه هي حياة طه حسين حتى وفاته سنة 1973، وهي حياة كانت حافلة بالكفاح؛ إذ نراه يكافح المحافظين في الدين والأدب والسياسة، ويكافح من أجل تغذية أمته بالمثل الأدبية عند اليونان وعند الغربيين، ويختط طرقًا جديدة في أبحاثه الأدبية وفي عالم القصة، يسعفه في ذلك استعداد أدبي أصيل، وهو استعداد شهد له به عالمه العربي، فمنح في سنة 1959 جائزة الدولة التقديرية في الآداب تنويهًا بجهوده الأدبية، كما شهد له به العالم الغربي فمنح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعات أوربية مختلفة. ونقف وقفة قصيرة عند قصته الأولى "الأيام".
ب- الأيام:
في رأي كثير من النقاد الشرقيين والغربيين أن هذه القصة أروع ما كتبه طه حسين، وقد أخرج منها جزأين يقص في أولهما طفولته، وفي الثاني صباه وشبابه الأول قَصَصًا بديعًا، يتحول إلى اعترافات صادقة صريحة، وهي اعترافات لا تقل روعة وجمالًا عما كتبه أدباء الغرب المشهورون من أمثال: جيته وروسو وشاتوبريان؛ إذ يعرض طه ذكرياته عن طفولته وشبابه برقَّة وصراحة منقطعة النظير.
وهو يقص علينا في الجزء الأول كيف نما هذا الطفل الضرير وسط بيئته المتوسطة، وكيف أخذ يسيطر تدريجًا على صورة العالم الخارجي من حوله يرعاه