كتاب سهام الإسلام

فإذا جاء من يريد أن يطوف - صرورة - فإن وجد من يعيره ثوبا يطوف فيه أو يكريه إياه طاف في ثوب ذلك "الأحمسي" وإلا ألقى ثيابه من خارج ثم يدخل إلى الطواف وهو عريان وكانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة إذا لم تجد من يعيرها أو يكريها ثوبا تطوف فيه، وهي تقول - حياء - كما جاء في كتب التاريخ والسير، بعد أن تستر عورتها بيديها وهي تقول:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
وهذا من تزيين الشيطان لهم أعمالهم التي بدلوا بها وحرفوا وغيروا شرائع الله التي جاءهم بها الأنبياء والمرسلون وعملوا بما زينه لهم الشيطان، فقد غيروا الشريعة الحنيفية، شريعة أبيهم إبراهيم الخليل وأبيهم اسماعيل عليهما السلام، وحافظوا على شريعة الشيطان الذي لا يأمرهم إلا بما فيه هلاكهم ولا يدلهم إلا على الفواحش والمناكر وقبيح الأعمال.
إن في فريضة الحج من الفوائد والمعاني السامية ما يزيد في الإيمان ويقويه، كما فيه ما يعجز اللسان والقلم عن وصفه، ذلك لأنها كثيرة وذات أهداف سامية، فهي زيادة عما فيها منه طاعة الله فيما أمر به وحث عليه من الطواف بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، إلى آخر أقوال الحج وأعماله، تلك الأقوال والأعمال التي تجسد للحاج وتريه ما في تلك الأماكن من حقائق تاريخية لا يجدها إلا هناك، فهي تعطيه كذلك ضوءا يستنير به في بقية حياته - لمن فقه سر ما يفعل - من زيارته لتلك الأماكن والمشاهد، التي تترك أثرها الطيب في نفوس الحجاج.

الصفحة 114