كتاب سهام الإسلام

فى استقامته على نهج الشرع العزيز، بعد عودته إلى بلده، من الاستقامة وحسن السلوك والتمسك بأحكام الدين وعرى الإسلام، بعد أن شاهد موطن الإسلام الأول والثاني، أعني مكة والمدينة، وعلم ما أصاب المسلمين الأولين في سبيل عقيدة التوحيد وإعلان كلمة الإسلام عالية مدوية من تلك الجبال والسهول والرمال، إلى أن وصلت إلى حيث شاء الله لها أن تصل، إلى آخر تلك المشاهد التي من المناسب أن ينبه إليها الحجاج الغافلون والجاهلون، ومسؤولية هذا التقصير ترجع إلى حكوماتهم.
إن من عجائب الزمان أن تكون حكومات الشعوب الإسلامية - وهي على ما هي عليه - هي التي تتحكم في التوجيه الديني، تبعث من يمثلها في تلك المواطن، وأمام الجموع الحاشدة من شتى بقاع المعمورة، وأن المسؤولين عن البقاع المقدسة والمسيرين لشؤونها لا يستقبلون إلا أعضاء الوفود الرسمية - كما يقولون - وهؤلاء بالطبع لا يصرحون إلا بما يرضي عنهم حكوماتهم إذا رجعوا إليها، ولعلهم ينعم عليهم بكلمات يتخذونها مثل الوسام يعلقونه على صدورهم، لأن هذه الحكومات لا يتسع صدرها للنقد والتوجيه والاعتراض، وترى في مثل هذا تشهيرا بأعمالها غير اللائقة أمام الملأ العظيم، وقد رأيت وسمعت في يوم عرفات من بعض من حضر ذلك الموقف من يدعو بصوت عال بعد صلاة العصر لرئيس حكومة بلاده الظالم الملحد أمام أهل بلده الذين يعرفون أحوال بلادهم وتصرفات رجالهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيبقى المسلمون لا يعرفون

الصفحة 119