كتاب سهام الإسلام

وشريعة الله، همهم الوحيد التمتع بالملاذ النفسية، ومنها حب السلطة وقهر العباد، لا ينازعهم فيها منازع ولو كان هو صاحبها، ومن نازهم فيها قصموا ظهره وأخذوا أنفاسه.
إن العلماء قدموا "قرابين" من أنفسهم في القديم الماضي من التاريخ وفى الحديث الذي لا زال في العقول محفوظا، وإن الكثير من الحكام المنسوبين إلى الإسلام قد أصدروا أوامرهم بمنع العلماء من مواعظهم في مساجد بلادهم التي بناها المسلمون بأموالهم لتكون منارات تضيء سبيل الله للمهتدين، فتصرفوا فيها هم - بمنع العلماء منها - تصرف الجبابرة الطغاة، فأخلوها من عمارها إلا لمن يرضون عنه لأنه باع ذمته منهم، فصار محل ثقتهم، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} فالآية تصرح بأن أكثر الظلم وأشده ما جاء ممن منع الناس من ذكر الله ودراسة دينه وتعليمه في المساجد - بيوت الله - ممن عمل واجتهد في فراغها من عمارها، وهذا هو خرابها، ونعوذ بالله منهما معا.
ربما يقال: ان علماء الإسلام ليس لهم قوة أو سلطة على حكامهم في أوطانهم، نعم إن هذا صحيح، فإن البعض من الحكام قد ركب رأسه، وحسب نفسه فوق كل الناس، وأنه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} - وقد قالها أخيرا بعض العلماء ... في رئيس دولته ... وهذه الصفة في التصرف لا تقال إلا للخالق والمالك

الصفحة 123