كتاب سهام الإسلام

بحت، يعود النظر فيه من قديم الزمان إلى العلماء لا إلى الحكومات، لأنه يندرج في اختصاصاتهم، فنحن مقبلون على ما تذمر منه العربي في القديم من الزمن حين قال:
إِنْ دَامَ هَذَا الْحَالُ يَا مَسْعُودُ ... فَلَا جَمَلُ يَبْقَى وَلَا قُعُودُ
نعود إلى الموضوع، حيث أننا نعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر درجات ثلاث، حسبما يحدث في المجتمع الإسلامي ففيهما الواجب المتأكد - وهي الدرجة الأولى - ويكون باليد أي بالقوة على المعتدي على حدود الله، وهذا ما يطلب من سلطة الحكومة الإسلامية، وقد ألغى هذا ولم تعد سلطة الحكومة تمارسه، وإذا لم يمكن هذا، فليكن باللسان والكلام، أي بالأمر أو النهي لمن ترك الواجب أو فعل المحرم، وهذا من واجب العلماء على من بقي منهم مواليا لدينه وعقيدته، وهي الدرجة الثانية، والدرجة الأخيرة الضعيفة كما جاء في نص الحديث، هي فيما إذا عجز المطالب عن الدرجتين المتقدمتين فإنه ينكر إهمال الواجب أو فعل المحرم بقلبه ولا يرضى بالمنكر يقع أو بالواجب يترك من أي كان، وهذه درجة عامة المسلمين، لا يختص بها واحد دون آخر.
فالدرجة الأولى الإنكار باليد. - أي بالقوة - فمن لم يستطع أن يقوم بها انتقل إلى الدرجة الثانية، أي باللسان، فإن خشي الضرر له أو لغيره، فلا أقل من أن ينكر ذلك بقلبه، وهو عدم الرضا بالمنكر والمنكرات، وهذا أقل ما يستطيع فعله، لأن الإنكار بالقلب لا يخشى منه شيء، إذ لا سلطان على القلوب إلا للخالق علام الغيوب ..

الصفحة 146