كتاب سهام الإسلام

ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". فهذا الحديث أعم وأشمل من ذلك.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أولى وأجل وأفضل ما يقدمه المسلم الخالص لدينه وأمته، ذلك المسلم الذي يسره الله عليه وأكرمه به وبصره بما يكون بعد القيام بهما من الخير والصلاح لهذه الأمة، وفى تركهما من الشر والفساد - وحتى الكفر - في هذه الأمة، فإنها لا تستقيم أحوالها ولا يستقيم أمرها إلا بالعودة والرجوع إلى ما كان عليه سلفها الصالح، وهذه نصيحة إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه، وكلمته التي بقيت بعده مضرب الأمثال، ومرجع الآمال، في كل وقت وحال، ويتسابق إليها الوعاظ الناصحون في مواعظم، وتلك الكلمة هي قوله: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها".
وقد ينال من قام بهذين الفرضين، أو السهمين الإسلاميين - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ما تكرهه النفوس الضعيفة من أذى وضرر ومكروه في سبيل القيام بهما غير أن الواجب على القائم بهذا هو الصبر والتحمل لكل ما يصيبه في سبيلهما من مكروه، وأين نحن مما أصاب رسل الله في سبيل تبليغ الرسالات إلى من أرسلوا إليهم منهم، وأخبار ذلك مفصلة

الصفحة 150