كتاب سهام الإسلام

فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} (¬1) والذي دفعهم إلى تفضيل الشرك بالله على الايمان به وحده، ومعنى هذا تفضيل المشركين على المؤمنين، إنما دفعهم إلى هذا الحسد لا غير، إذ هم يعرفون حق المعرفة أنهم في هذا التفضيل كاذبون، كما جاء في الآية بعد هذه، وهي قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} والناس هنا المقصود به هو محمد صلى الله عليه وسلم كما قاله المفسرون لكتاب الله.
ومواقفهم من الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته مشهورة، ومن أهمها محاولة قتله والقضاء عليه في عدة مناسبات، منها أنهم هموا باغتياله، بواسطة إلقاء صخرة - حجر رحا - عظيمة عليه من أعلى دار كان جالسا بجنب حائطها، ذلك أنه خرج إلى "بني النضير" - وهم فرقة من يهود المدينة - ليستعين بهم على أداء دية رجلين - لما بينه وبينهم من العهد - فاغتنموها فرصة مواتية للقضاء عليه والتخلص منه، فتآمروا فيما بينهم أيهم يصعد إلى السطح ويلقي عليه هذه الصخرة العظيمة لتكون القاضية على حياته إلى الأبد؟ فإذا قام أصحابه يطالبون بدمه قلنا لهم أنها سقطت عليه من تلقاء نفسها، فالتزم بهذا رجل منهم، وبينما هو يتهيأ لفعلته الغادرة نزل عليه الوحي من ربه يأمره بالابتعاد عن المكان الذي كان جالسا فيه، وأخبره بتدبير المكيدة له، فرجع إلى المدينة مسرعا، وخرج من وسط هؤلاء القوم الغادرين.
¬__________
(¬1) الآيتان 51 - 52 من سورة النساء.

الصفحة 175