كتاب سهام الإسلام

وقاتل المستعمرين الغاصبين للأوطان، أو لمن سجن، أو عذب لذلك الغرض، فأخرجت كلمة المجاهد من إطارها الديني الخاص بها وأعطيت لأناس هم ضد الدين، إن لم نقل إنهم من أعظم خصومه الصادين عنه، وقد اتضح أمرهم أنهم يعملون ضد الإسلام، ولمحوه وقتله {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
ويكشف عن القصد منه ما رواه الإمام البخاري في صحيحه، من كتاب الجهاد عن أبي موسى - الأشعرى - رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه - وفى رواية يقايل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل غضبا - فمن في سبيل الله؟ قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله" فهذا هو الجهاد في الشريعة الإسلامية، وهو الذي قصد من ورائه المجاهد رفع كلمة "لا إله الا الله محمد رسول الله" وهي كلمة الله، ومن غير هذه النية والقصد فلا يسمى المقاتل مجاهدا.
وبهذا البيان النبوي الشريف الذي قضى به عليه الصلاة والسلام على الزيف والتزييف، ظهر أن من لم تكن عنده نية صادقة في جهاده لرفع شأن الإسلام وإعلاء كلمة الله لا يسمى قتاله جهادا ولا يكون من مات فيه على غير نية إعلاء كلمة الله، شهيدا شرعا، ولو كانت موته في وسط المعركة مع العدو، كما قضى على ما يدعيه الجاهلون من الجهاد والشهادة، لكل

الصفحة 180