كتاب سهام الإسلام

وتحكي كتب الحديث والسيرة أن بعض النساء الصحابيات رضي الله عنهن قد رغبن في نيل هذا الأجر العظيم والثواب الجسيم اقتداء بالرجال، وزيادة في قوة المجاهدين، فتقدمن بالتماس هذا إلى القائد الأعلى - حسب تعبير العصر - الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يسمح لهن بمشاركتهن في الحروب إلى جنب الرجال، فكان جوابه لهن مثل جوابه للسيدة عائشة الصديقة رضي الله عنها، كما جاء في صحيح البخاري قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: "جهادكن الحج" وفى رواية عنها قالت سأله نساؤه عن الجهاد فقال لهن: "نعم الجهاد الحج" كما تذكر كتب السيرة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض النساء، - وصرح باسم عائشة وأم سليم - في غزوة "أحد" أنهن كن يسقين المرضى، ويداوين الجرحى، وفى حديث البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة.
والملاحظ على ما جاء في هذا الباب أن ذلك كان قبل نزول آية الحجاب، أما بعد هذا فلم يثبت، كما لاحظ بعض العلماء - بناء على ما أباحه الإسلام وما منعه - أن العمل الذي قام به بعض النسوة الصحابيات في وقت الجهاد إنما كان مع أزواجهن ومحارمهن، ولم يكن مع عموم الناس، كما صرح بهذا الإمام النووي على مسلم قال: وما كان منها - المرأة - لغيرهم لا يكون فيه مس بشرة الا في موضع الحاجة، فكن يحملن القرب

الصفحة 187