كتاب سهام الإسلام

وهو المرسل من عند الله الواحد القهار بالرسالة الخالدة الباقية ما بقيت لحظة من هذه الحياة، فإذا لم ينطق بها الراغب في الإسلام، واذا لم تكن خارجة وصادرة من قلب مؤمن ومصدق بما يقول لسانه فليس هو بالمؤمن ولم تنله أحكام الإسلام، ولو فعل كل ما دعا اليه الإسلام في شريعته.
فإذا نطق المسلم بكلمة التوحيد "أشهد أن لا إله الا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله" وأدرك معناها كما هو مطلوب منه، فان كل قوة مهما عظمت في هذا العالم الا وتضعف وتحتقر وتهان وتتضاءل في عقيدة المسلم أمام قوة الواحد القهار، وهذا هو عين الحقيقة، فمن مفاهيم كلمة التوحيد الشعور بقدرة الله على كل شيء، ولا يقع في هذا العالم الا ما أراده خالقه وقدره وشاءه، فلا طاعة الا له، ولا خوف الا منه، ولا رجاء الا فيه، ولا رضى الا له، فان لم يكن هذا هو شعور المسلم في نطقه بكلمة الشهادة فان نطقه بها مجردة عن هذا المعنى لا يبعث في نفسه الخوف من عقابه إذا هو عصاه وخالف شرعه واتبع هواه، أو الأمن والنجاة من عذابه إذا هو أطاعه واتبع شرعه وعمل على رضاه، وهذا ما نشاهده في الكثيرين من مسلمي هذا الزمان، فعندما غاب هذا الادراك لمعنى كلمة التوحيد عن عقولهم استهانوا بأحكام دينهم، فأعرضوا عن أداء فرائضه المفروضة عليهم، وأقبلوا على المحرمات والمعاصي المنهي عنها يرتكبونها ويأتونها بلا خجل ولا حياء ولا وازع، ولاخوف من عقابه إذا رجعوا اليه ووقفوا بين يديه في يوم الحساب،

الصفحة 55