كتاب التفسير النبوي (اسم الجزء: 1)

القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك، والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة" (¬1). ثم ذكر الرجوع إلى تفسير الصحابة والتابعين.
وعلى هذا المنهج كان عمل السلف الصالح من الصحابة -رضي الله عنه- فمن بعدهم، كما قال عبيد الله بن أبي يزيد: (كان ابن عباس -رضي الله عنه-، إذا سئل عن الأمر وكان في القرآن أخبر به، وإن لم يكن في القرآن فكان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر به، فإن لم يكن فعن أبي بكر وعمر -رضي الله عنه-، فإن لم يكن قال فيه برأيه) (¬2).
ويكفي في بيان عظمة السنة، وأهمية الرجوع إليها ما ذكره ابن تيمية قبل قليل من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، قال ابن القيم -رحمه الله- معلقا على الحديث-: "هذا هو السنة بلا شك" (¬3).
وعن أيوب السختياني أن رجلا قال لمطرف بن عبد الله بن الشخير -وهو من كبار التابعين (ت 95 هـ) -: لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له مطرف: (والله ما نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا) (¬4).
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى 13: 363.
(¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 4: 545 في البيوع والأقضية: باب في القاضي ما ينبغي أن يبدأ به في قضائه، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عبيد الله .. فذكره , وهذا سند صحيح.
وأخرجه أيضا: ابن سعد في (الطبقات الكبرى) 2: 366، والدارمي رقم (166) في المقدمة: باب الفتيا وما فيه من الشدة, والحاكم في (المستدرك) 1: 127، والخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه) 1: 497 - 498رقم (542) (543)، كلهم من طريق ابن عيينة، به، بنحوه.
(¬3) التبيان في أقسام القرآن ص 156.
(¬4) أخرجه أبو خيثمة في (كتاب العلم) ص 41 رقم (97)، وابن عبد البر في (جامع بيان العلم) ص 563.

الصفحة 34