كتاب التفسير النبوي (اسم الجزء: 1)
لكن لا يلزم منه أن يكون غير الصريح خارجا عن دائرة البيان النبوي للقرآن، بل نجد أن فيما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يفيد في تفسير الآية، وبيان معناها، وصيغته غير صريحة، فهل يسوغ إخراجه من حيز البيان النبوي؟.
وبعد التأمل ظهر لي أن يقال في تعريف التفسير النبوي (¬1):
"ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير في بيان معاني القرآن".
والأمثلة على القول كثيرة، ومنها: ما جاء عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى) (¬2).
وأما الفعل؛ فمن أمثلته:
1 - جاء في سياق حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صفة الحج: (.. حتى إذا أتينا البيت معه -صلى الله عليه وسلم- استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام-، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت .. كان يقرأ في الركعتن قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون) (¬3).
¬__________
(¬1) ومثله التفسبر بالسنة، وقد فرَّق د. مساعد الطيار بين (التفسير بالسنة) و (التفسير النبوي) في المرجع السابق، وذكر أن التفسير النبوي يلحظ فيه إضافته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيده بالصريح، وأخرج منه التقرير النبوي -كما سبق-.
وما ذكره له حظ من النظر، ولكن الأظهر -فيما أرى- عدم التفريق لأن السنة عبارة عما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير، فالإضافة هنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا يقال: السنة النبوية، وحينما نقول: التفسير بالسنة؛ فالمراد بها -كما هو معلوم- السنة النبوية، فآل الأمر في التعبيرين- التفسير بالسنة، والتفسير النبوي- إلى إضافته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فكل ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير يفيد في تفسير القرآن وبيان معناه؛ فهو تفسير نبوي، وتفسير بالسنة النبوية، والله أعلم.
(¬2) هو الحديث الأول من أحاديث الكتاب.
(¬3) أخرجه مسلم رقم (1218) في الحج: باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو جزء من حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صفة حجه -صلى الله عليه وسلم-.
الصفحة 55
1002