كتاب المنتخب من مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي

168 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " §فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} [إبراهيم: 5] ، قَالَ: «بِنِعَمِ اللَّهِ»
169 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكُنَّا عِنْدَهُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنَّ نَوْفًا الشَّامِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُتَّكِئًا، فَاسْتَوَى جَالِسًا فَقَالَ: كَذَلِكَ يَا سَعِيدُ بْنَ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ نَوْفٌ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ -[88]- كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " §رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَعَلَى مُوسَى لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ وَاسْتَحْيى وَأَخَذَتْهُ دَمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} [الكهف: 76] لَرَأَى مِنْ صَاحِبِهِ عَجَبًا "، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: " رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى صَالِحٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي عَادٍ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ قَوْمَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ قَالَ لَهُمْ: مَا فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنِّي، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّ فِي الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ تَزَوَّدَ حُوتًا مَالِحًا، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ حَيْثُ تَفْقِدُهُ، فَتَزَوَّدَ حُوتًا مَالِحًا، فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الصَّخْرَةِ انْطَلَقَ مُوسَى يَطْلُبُ وَوَضَعَ فَتَاهُ الْحُوتَ عَلَى الصَّخْرَةِ، فَاضْطَرَبَ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، قَالَ فَتَاهُ: إِذَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ حَدَّثْتُهُ، فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ، فَانْطَلَقَا فَأَصَابَهُمَا مَا يُصِيبُ الْمُسَافِرَ مِنَ النَّصَبِ وَالْكَلَالِ، وَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ مَا يُصِيبُ الْمُسَافِرَ مِنَ النَّصَبِ وَالْكَلَالِ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نصَبًا} [الكهف: 62] قَالَ لَهُ فَتَاهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ أَنْ أُحَدِّثَكَ {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63] {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61] قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَرَجَعَا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا يَقُصَّانِ الْأَثَرَ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَطَافَ بِهَا، فَإِذَا هُوَ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ مُوسَى، قَالَ: مَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عِنْدَكَ عِلْمًا؛ فَأَرَدْتُ أَنْ أَصْحَبَكَ، قَالَ: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 67] ، قَالَ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69] قَالَ: {كَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68] ، قَالَ: قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ، سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، قَالَ: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70] ، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ، فَخَرَجَ مِنْ كَانَ فِيهَا، وَتَخَلَّفَ لِيَخْرِقَهَا، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: تَخْرِقُهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، وَفِيهِمْ غُلَامٌ لَيْسَ فِي الْغِلْمَانِ أَحْسَنُ وَلَا أَنْظَفُ مِنْهُ، فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، فَنَفَرَ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: فَأَخَذَتْهُ دَمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ وَاسْتَحْيَى فَقَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا وَقَدْ أَصَابَ مُوسَى جَهْدٌ شَدِيدٌ وَلَمْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَهُ مُوسَى مِمَّا أُنْزِلَ بِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا؟ قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، فَأَخَذَ مُوسَى بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي، فَقَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، فَإِذَا مَرَّ عَلَيْهَا فَرَآهَا مُنْخَرِقَةً تَرَكَهَا وَرَقَّعَهَا أَهْلُهَا بِقِطْعَةِ خَشَبٍ فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَإِنَّهُ كَانَ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا، وَكَانَ قَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مَحَبَّةٌ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَلَوْ عَصَيَاهُ شَيْئًا لَأَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يُبْدِلَهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، فَوَقَعَ أَبُوهُ عَلَى أُمِّهِ، فَتَلَقَّتْ، فَوَلَدَتْ خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ، وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82]

الصفحة 87