كتاب زهر الآداب وثمر الألباب

إعجابه بها، فلما وصلت إليه، وصارت فى يديه، أمرها بلزوم مجلسه، والقيام على رأسه؛ فبينما هى عنده، ومعه ابناه الوليد وسليمان، قد أخلاهما للمذاكرة، فأقبل عليهما فقال: أىّ بيت قالته العرب أمدح؟ فقال الوليد: قول جرير فيك:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
وقال سليمان: بل قول الأخطل:
شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
فقالت الجارية: بل أمدح بيت قالته العرب قول حسان بن ثابت:
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
فأطرق، ثم قال: أى بيت قالته العرب أرقّ؟ فقال الوليد: قول جرير:
إنّ العيون التى فى طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
فقال سليمان: بل قول عمر بن أبى ربيعة:
حبّذا رجعها يديها إليها ... من يدى درعها تحلّ الإزارا
فقالت الجارية: بل بيت يقوله حسان:
لو يدبّ الحولىّ من ولد الذرّ عليها ... لأندبتها الكلوم «1»
فأطرق، ثم قال: أى بيت قالته العرب أشجع؟ فقال الوليد: قول عنترة:
إذ يتّقون بى الأسنّة لم أخم ... عنها، ولو أنى تضايق مقدمى «2»
فقال سليمان: بل قوله:
وأنا المنية فى المواطن كلها ... فالموت منى سابق الآجال
فقالت الجارية: بل بيت يقوله كعب بن مالك:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
فقال عبد الملك: أحسنت، وما نرى شيئا فى الإحسان إليك أبلغ من ردّك

الصفحة 1158