كتاب زهر الآداب وثمر الألباب

وقال المتنبى:
تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم ... إلا على شجب والخلف فى الشجب
فقيل: تخلص نفس المرء سالمة ... وقيل: تشرك جسم المرء فى العطب
الشجب: الموت، وهى لفظة معروفة، وإن كانت غير مألوفة عند أهل النقد.
وقد أنكرها البحترى على عبيد الله بن عبد الله بن طاهر فى مجاذبته إياه حيث يقول:
ولو أنّ الحكيم وازن فى اللفظ واختار لم يقل شجبه وكان أبو الطيب نظر إلى ما رواه أبو ظبيان، قال: اجتمع نفر من أهل الكلام على رجل من الملحدين، فجعلوا لا يأتون بمسألة إلا سألهم الدليل عليها، وناقضهم فيها، فأعياهم كثرة ما يقول ويقولون، فقال بعضهم: أما بعد فإن الموت لا شكّ فيه فقال الملحد: ما رأيت خاطبا وواعظا وشاهدا لا يردّ أوجز منه، وقلما ترى معنى إلا وهو يدافع أو يناقض ويحار به عن سواء المحجّة. وقيل: من طلب عيبا وجده. قال أبو عمرو بن سعيد القطر بلى: ليس من بيت إلا وفيه لطاعن مطعن، إلا قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
وقول طرفة بن العبد:
ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وقول على بن زيد:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن مقتد
وللعلم بذلك قال قتيبة بن مسلم لأبى عيّاش المنتوف، وقد دخل عليه وبين يديه سلّة زعفران: أنشدنى بيتا لا يصارف ولا يكذّب وهى لك، فأنشده ما ليس لطاعن فيه مطعن:
فما حملت من ناقة فوق كورها ... أبرّ وأوفى ذمّة من محمد
[صلى الله عليه وسلم، ورحم وكرّم، وشرّف وعظم، وعلى آله الطيبين، وسلم تسليما] قد تم كتاب «زهر الآداب، لأبى إسحاق الحصرى» والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على كريم الآباء والأمهات

الصفحة 1164