كتاب الاعتصام بالإسلام

العداء، وحجرت على البابا في الفاتكان، كانت تبنى جميع سياستها الاستعمارية على جهود الرهبان والمبشرين حتى روسيا السوفياتية التي تدعو في بلادها إلى الإلحاد، ومحاربة الأديان رأيناها بعد الحرب العالمية الثانية، حينما أرادت أن تحقق لنفسها نفوذا توسعيا سياسيا، فتظاهرت بالعطف على رجال الدين، ودعت إلى مجمع مسكونى في موسكو وحملت إليه المؤتمرين في طائراتها، ثم شرف ستالين نفسه أولئك المؤتمرين بمقابلتهم، وكذلك الإنكليز.

ونقتبس من كاتب أوربي منصف، وهو الدكتور غوستاف لوبون بعض الفقرات مما دونه عن الحروب الصليبية ليكون شاهدا علي بني جنسه.
قال: كانت أوربا ولا سيما فرنسا في القرن الحادي عشر الميلادى الذي جردت فيه الحملة الصليبية الأولى في أشد أدوار التاريخ ظلاما، وكان النظام الإقطاعى يأكل فرنسا التي كانت مملوءة بالحصون التي كان أصحابها -وهم من نصف البرابرة- يقتتلون على الدوام، ولا يملكون سوى أناس من العبيد الجهال، ولم يكن في ذلك الحين لسوى البابا نفوذ شامل وكان الناس يخشون البابا أكثر مما يحترمونه.
وكانت دولة في الشرق قائمة وهي القسطنطينية مع انحطاطها عاصمة لدولة كبرى لا تنتهى فيها المشاحنات والمنازعات.
وكانت دولة العرب في تفكك وانحلال، ولكن حضارتها كانت محافظة على سلطانها القديم.
فالحروب الصليبية التي نشبت في ذلك الحين لم تكن سوى نزاع بين قوم من الهمج الأوربيين وبين حضارة المسلمين التي كانت تعد من أرقى الحضارات التي عرفها التاريخ.
وكان أكثر قوافل الحجاج الأوربيين إلى بيت المقدس تكون فيالق عسكرية أكثرها من جماعة الحجاج، فكان بها بارونات وفرسان عسكرية طالما هاجمت الأعراب والتركمان، فاضطر

الصفحة 52