كتاب الدراري المضية شرح الدرر البهية
شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة" وأخرج البخاري وغيره من حديث ابن عمر قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال: له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو في النار" فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءه قد غلها وقد قال: سبحانه {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:161] وثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته فرس على رقبته شاة" الحديث. وقد نقل النووي الاجماع على أنه من الكبائر وقد ورد في تحريق متاع الغال ما أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه وفي إسناده زهير بن محمد الخراساني وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي من حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وجدتم الغال قد غل فاحرقو متاعه واضربوه" وفي إسناده صالح بن محمد ابن زائدة تكلم فيه غير واحد.
وأما كون من جملة الغنيمة الأسرى فلا خلاف في ذلك.
وأما كونه يجوز القتل والفداء والمن فلقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال:67] وقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل للأساري وأخذ الفداء منهم والمن عليهم ثبوتا متواترا في وقائع ففي يوم بدر قتل بعضهم وأخد الفداء من غالبهم وأخرج البخاري من حديث جبير ابن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له" وفي مسلم من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم أخذ الثمانين النفر الذين هبطوا عليه وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقهم فأنزل الله عز وجل {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح:24] الآية وقد ذهب الجمهور إلى أن
الصفحة 454
469