كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 1)

قال ابن رجب (¬١) رحمه الله: وأما الفقهاء المتأخرين فكثير منهم نظرإلى ثقة رجاله فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الأحاديث. فتح الباري (١/ ٣٢٣)
وصدقوا - رحمهم الله - وذلك أنَّ علم العلل قضى على علوم الحديث من جرح وتعديل ومصطلح ورسوم إسناد وفنونه.
فكم من حديث رواته ثقات، بل قد يكون مرويًا بأصح الأسانيد ظاهرًا ويكون إسناده معلًا؛ إمَّا وهمًا وإمًا مركبًا وإما منقطعًا وإما شاذًا.
كحديث: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عائشة مرفوعًا: «أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب».
أخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٩٢٦) و «أحمد» (٢٤٧٥٨) و «أَبو يَعلى» (٤٨٦٨)
وهذا إسناد من أصح الأسانيد في ظاهره، وعدَّه يحيى بن سعيد القطان في منكرات قيس.
فتجاسر بعض الخلف فرد إعلاله بحجة واهية.
فجرأ علينا الروافض ومن تملق لهم ونافق.
لذا كثر تصحيحهم لمثل هذه الأحاديث، حتى تعبد الناس رب العباد بما لم يشرع.
---------------
(¬١) وهو المتمكن من أصول صنعة التحديث على حقيقتها، فإنه لم يأت بعد الدارقطني من يحسن هذا الفن كابن رجب والى يومنا.

الصفحة 14