كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 1)

قال ابن رجب: وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول: هو خطأ؛ يعني: ذكر السماع. قال في رواية هدبة، عن قتادة، ثنا خلاد الجهني، وهو خطأ، خلاد قديم ما رأى قتادة خلادًا. وذكروا لأحمد قول من قال: عن عراك بن مالك سمعت عائشة، فقال: هذا خطأ. وأنكره وقال: عراك من أين سمع عائشة؟ إنما يروى عن عروة، عن عائشة. شرح علل الترمذي (١/ ١٤٠)
فلم يكونوا يعبؤون بمجرد نظافة الإسناد الظاهرة، بل رأيتهم كثيرًا ما يهابون نظافة الإسناد إذ العلة في ثناياه كامنة.
وما على هذا كله يجري من جاء بعد الدارقطني، إلَّا قلة منهم وفي مواضع، كابن عبد الهادي وابن رجب.
حتى رأينا الإسراف المفرط في تصحيح الأحاديث عند المتأخرين، ومن ثم بلغ حد الهوس بقبول الأحاديث عند المعاصرين، فإن أفلت الحديث منهم في قبوله بظاهر الإسناد استعانوا عليه بالمتابعات والشواهد وهذه أطم وأكبر.
وقد بلغت مخالفة أصول التحديث على رسم النقاد الحفاظ أن يكون أسهل شيء على المتأخر من المشتغلين بالحديث خصوصًا المعاصرين منهم أن يجسر على رد إعلال الحافظ الناقد بقولتهم المشهورة (وقد أعل بما لا يقدح) بأوهى الحجج وبقواعد وضوابط غير أهل الحديث من الفقهاء والأصوليين.

الصفحة 16