كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 1)
ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أتَيْنَا جَابِرَ بن عَبْدِ الله فِي مَسْجِدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتخَطَّيْتُ القَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَقُلتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ أتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا: أرَدْتُ أنْ يَدْخُلَ عَليَّ الأحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيرَانِي كَيْفَ أصْنَعُ، فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، أتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأى فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالعُرْجُونِ.
ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ » قَالَ فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ » قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ » قُلنَا: لَا أيُّنا، يَا رَسُولَ الله قَالَ: «فَإِنَّ أحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَليَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ رِجْلِهِ اليُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَليَقُل بِثَوْبِهِ هَكَذَا».
ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أرُونِي عَبِيرًا» فَقَامَ فَتًى مِنَ الحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأخَذَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى رَأسِ العُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلتُمُ الخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ المَجْدِيَّ بن عَمْرٍو الجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَتلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلدُّنِ، فَقَالَ
الصفحة 368