كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 1)
النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الأرْضِ، فَأخَذَ مِنْهَا عُودًا، ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلتَ هَذَا العُودَ، فَتنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَالله اذْهَبُوا، فَأنْتُمْ سُيُومٌ بِأرْضِي - وَالسُّيُومُ: الآمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ، فَما أُحِبُّ أنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا، وَأنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ - وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ: الجَبَلُ - رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُما، فَلا حَاجَةَ لَنا بِهَا، فَوَالله مَا أخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَليَّ مُلكِي، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أطَاعَ النَّاسَ فِيَّ، فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ.
قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ. قَالَتْ: فَوَالله إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ - يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلكِهِ - قَالَ: فَوَالله مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ، تَخَوُّفًا أنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ. قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُما عُرْضُ النِّيلِ، قَالَتْ: فَقَالَ أصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ القَوْمِ ثُمَّ يَأتِيَنَا بِالخَبَرِ؟
قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ بن العَوَّامِ: أنا، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أحْدَثِ القَوْمِ سِنًّا، قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً، فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلتَقَى القَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ. قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللهَ لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلادِهِ، وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أمْرُ الحَبَشَةِ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِمَكَّةَ.
أخرجه أحمد (١٧٤٠).
الصفحة 402