كتاب تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة

أقضي مقالتي، ثم يقبضه إليه فلن ينسى شئياً سمعه مني؟ فبسطت بردة علي حتى قضى حديثه ثم قبضتها إلي. فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئاً بعده سمعته منه "1.
أخرجاه في الصحيحين من طريق إبن عيينة عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.
ورواه البخاري أيضاً من طريق إبن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قلت:
60- "يا رسول الله إني أسمع منك حديثاً كثيراً فأنساه، قال: ابسط ردائك فبسطه فغرف بيديه ثم قال: ضمه. فضممته فما نسيت حديثاً قط" 2.
فهاتان الروايتان مصرحة بأن عدم نسيانه لم يكن مختصاً بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المجلس. بل هو شامل لجميع ما سمعه منه في ذلك المجلس وغيره.
وقول الرازي لو كان كذلك لاشتهر به بين سائر الصحابة، ولم يتثبت في حديثه. يقال عليه إنه غير لازم لأن القضية لم تكن بحضور جمع يسمع الحديث منهم. ولم يعرف ذلك إلا من جهته. وقد شهدوا له بالحفظ كما تقدم عن جماعة منهم، ولم يتثبت أحد منهم في حديثه. ولو وقع في بعض ذلك شيء من واحد منهم كان على وجه الاحتياط. كما في قصة أبي بكر رضي الله عنه مع المغيرة في ميراث الجدة3.
__________
1 رواه الإمام مسلم. في فضائل أبي هريرة.
صحيح مسلم 16/52.
2 كتاب العلم. فتح الباري 1/215.
وانظر كلام الحافظ ابن حجر.
3 رواه الإمام مالك في الموطأ باب ميراث الجدة.
والترمذي وقال عقبه: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه في سننه. وأورده الذهبي في ترجمة الصديق رضي الله عنه مستدلاً به على أنه كان أول من احتاط في قبول الأخبار.
وقال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح بثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق ولا يمكن شهوده للقصة.
الموطأ 1/335، تحفة الأحوذي 6/277، سنن ابن ماجه 2/909، تذكرة الحفاظ 1/3، التلخيص الحبير 3/82.

الصفحة 102