كتاب عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم

فأخذها وَرَدَّ العمامة، وكانت صغيرة عتيقة، فرأى أخذ الورقة خيراً منها بدرجات، فَخَلَّصَ الشيخُ عمامته بهذا الوجه اللطيف.
وبلغني من غير وجه عن الإِمام أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أنه قال: ما دخلَ الشامَ بعدَ الأوزاعيِّ أفقَهُ من الشيخِ الموفَّقِ.
قال الضياء: كان -رحمه الله- إمامًا في القرآن وتفسيره، إمامًا في علم الحديث ومشكلاته، إمامًا في الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إمامًا في علم الخلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إمامًا في أصول الفقه، إمامًا في النحو، إمامًا في الحساب، إمامًا في النجوم السيارة والمنازل.
قال: ولما قدم بغداد، قال له الشيخ أبو الفتح بن المنِّي: اسكن هنا؛ فإن بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد ولا تخلف فيها مثلك، وكان شيخنا العماد يعظم الشيخ الموفق تعظيماً كثيرًا، ويدعو له، ويقعد بين يديه كما يقعد المتعلم من العالم.
وسمعت الإِمام المفتي شيخنا أبا بكر محمد بن معالي بن غنيمة ببغداد يقول: ما أعرف أحدًا في زماني أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق.
وسمعت أبا عمرو بن الصلاح المفتي يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق.
وقال الشيخ عبد الله اليونيني: ما أعتقد أن شخصاً ممن رأيته حصل له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة التي يحصل بها الكمال سواه؛ فإنه -رحمه الله- كان كاملًا في صورته ومعناه؛ من الحسن، والإحسان، والحلم، والسؤدد، والعلوم المختلفة،

الصفحة 17