كتاب نور الاقتباس في وصية النبي لابن عباس - ت العجمي ط البشائر

جميعاً كما يوجب ذلك أيضاً إفراده سبحانه بالاستعانة به، والطلب منه.
وقد اشتملت هذه الوصية العظيمة الجامعة على هذه الأمور المهمة كلها.
فإن حفظ العبد لله عز وجل هو حفظ حدوده ومراعاة حقوقه وهو حقيقة عبادته، وهو أول ما صدرت به هذه الوصية. ورتب على ذلك حفظ الله لعبده، وهو نهاية ما يطلبه العبد من ربه ويريده منه. ثم عقب ذلك بذكر التعرف إلى الله في الرخاء، وأنه مقتض لمعرفة الله لعبده في الشدة وهذا هو من تمام حفظ الله لعبده وداخل فيه، إلا أن حالة الشدة لما كان العباد مضطرين فيها إلى من يعرفهم ويفرج عنهم خصت بالذكر لهذا المعنى. وفي هذه الحالة يخلص المشركون الدعاء لله وحده ،ويفردونه بالسؤال والطلب لعلمهم أنه لا يكشف الضر سواه سبحانه، ثم يعودون عند كشف الضر عنهم إلى الشرك كما ذكر سبحانه ذلك عنهم في مواضع من كتابه وذمهم عليه. فأمر صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم في ذلك بالتعرف إلى الله في حال الرخاء بإخلاص الدين له وحده وبطاعته والتقرب إليه، ليوجب ذلك معرفته لهم في الشدة وكشفها عنهم.
ثم عقب ذلك بذكر إفراد الله بالسؤال، وإفراده بالاستعانة وذلك يشتمل حال الشدة وحال الرخاء. ثم ذكر بعد هذا كله الأصل الجامع الذي تنبني عليه هذه المطالب، وهو: تفرد الله

الصفحة 105