كتاب نور الاقتباس في وصية النبي لابن عباس - ت العجمي ط البشائر

فاشتر لنا دقيقاً ودهناً نسرج به، فلما سمع ذلك زاد في غمه وكربه، وكره أن يخبرهم بما جرى له فيحزنهم، فخرج إلى حانوت رجل كان بالقرب من داره فسلم عليه، وأخذ منه دهناً وغيره مما يحتاج إليه، فبينما هو يخاطبه إذا التفت فرأى خرجه الذي هرب به خادمه مطروحاً في داخل الحانوت، فسأله عنه فقال: إن رجلاً ورد علي بعد العشاء واشترى مني عشاء واستضافني فأضفته، فجعلت خرجه في حانوتي ودابته في دار جارنا، والرجل بائت في المسجد، فنهض إلى المسجد ومعه الخرج فوجد الرجل نائماً، فرفسه فاستيقظ مذعوراً، فقال له: أين مالي يا خائن؟ قال: هو ذا على عنقك والله ما تفقد منه ذرة. واستخرج الدابة على موضعها، ووسع على أهله وأخبرهم حينئذ بخبره.
ويشبه هاتين الحكايتين ما حكاه التنوخي في كتابه، والحكاية طويلة، وملخصها: أن رجلاً كان ببغداد في زمن الرشيد، وكان صيرفياً، فابتاع جارية بخمسمائة دينار، وشغف بها حتى تعطل عن معاشه بسبب ملازمتها، وأنفق رأس ماله حتى لم يبق معه منه شيء، وحملت جاريته فصار ينقض داره ويبيع أنقاضها حتى فرغت ولم يبق له حيلة فضربها الطلق وهو على تلك الحال، وطلبت منه ما يصلح للنفساء، وشكت إليه أنها تموت إن لم يعجل عليها بذلك، فبكى، وخرج على وجهه، وهم أن يغرق نفسه في دجلة، ثم خاف عقاب الله فامتنع، وخرج ماشياً على قدميه من قرية إلى

الصفحة 137