كتاب نور الاقتباس في وصية النبي لابن عباس - ت العجمي ط البشائر
ومن أنواع حفظ الله لعبده في دينه: أن العبد قد يسعى في سبب من أسباب الدنيا -إما الولايات أو التجارات أو غير ذلك- فيحول الله بينه وبين ما أراد لما يعلم له من الخيرة في ذلك وهو لا يشعر مع كراهته لذلك.
قال ابن مسعود: إن العبد ليهم بالأمر من التجارة والإمارة حتى ييسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإني إن يسرته له أدخلته النار فيصرفه الله عنه، فيظل يتطير، يقول: سبقني فلان، دهاني فلان، وما هو إلا فضل الله عز وجل.
وأعجب من هذا أن العبد قد يطلب باباً من أبواب الطاعات، ولا يكون له فيه خيرة، فيحول الله بينه وبينه صيانة له وهو لا يشعر.
وخرج الطبراني وغيره من حديث أنس مرفوعاً: ((يقول الله عز وجل: إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن بسطت عليه أفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا السقم ولو صححته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من يطلب باباً من العبادة فأكفه عنه لكيلا يدخله العجب، إني أدبر عبادي بعلمي بما في قلوبهم إني عليمٌ خبيرٌ)).