كتاب نور الاقتباس في وصية النبي لابن عباس - ت العجمي ط البشائر

لا يصلح إلا لله وحده، فلا يصلح الذل إلا له بالعبادة والمسألة، وذلك من علامات المحبة الصادقة.
سئل يوسف بن الحسين: ما بال المحبين يتلذذون بذلهم في المحبة؟
فأنشد:
ذل الفتى في الحب مكرمةٌ ... وخضوعه لحبيبه شرف
وهذا الذل وهذه المحبة لا تصلح إلا لله وحده، وهذا هو حقيقة العبادة التي يختص بها الإله الحق.
كان الإمام أحمد يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك.
وقال أبو الخير الأقطع: كنت بمكة سنة فأصابتني فاقة وضر، فكنت كلما أردت أن أخرج إلى المسألة هتف بي هاتف يقول: الوجه الذي تسجد لي به تبذله لغيري؟
وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله ... بدلاً وإن نال الغنى بسؤال
وإذا السؤال مع النوال وزنته ... رجح السؤال وخف كل نوال
فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلاً ... فابذله للمتكرم المفضال
ولهذا المعنى كان عقوبة من أكثر المسألة بغير حاجة أن يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم، كما ثبت ذلك في الصحيحين، لأنه أذهب عز وجهه وصيانته وماءه في الدنيا،

الصفحة 81