كتاب نور الاقتباس في وصية النبي لابن عباس - ت العجمي ط البشائر
فأذهب الله من وجهه في الآخرة جماله وبهاءه الحسي فيصير عظماً بغير لحم، ويذهب جماله وبهاؤه المعنوي فلا يبقى له عند الله وجاهة.
ومنها: أن في سؤال الله عبوديةً عظيمةً لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها فكيف يقدر على ذلك لغيره؟ وسؤاله إقامة له مقام من يقدر وليس هو بقادر.
ويشهد لهذا المعنى الحديث الذي في ((صحيح مسلم)) عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم :
((يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيت كل إنسانٍ مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)).
وفي الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث وهي:
((وذلك بأني جوادٌ واجدٌ ماجدٌ أفعل ما أريد، عطائي كلامٌ، وعذابي كلامُ، إذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون)).
فكيف يسأل الفقير العاجز ويترك الغني القادر؟ إن هذا لأعجب العجب!.