ونصيب من قوله: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]، فالمكاء الصفير، والتصدية التصفيق. فمن اتخذ الصفير بالشبابة والتصفيق بالأكفِّ دينًا، فقد زاحم هؤلاء.
وقد قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 6 - 7].
وقد فسر غير واحد من السلف (¬1) لَهْوَ الحديثِ بأنَّه الغناء، وروي في ذلك حديث مرفوع من حديث عائشة أم المؤمنين: "إن الله حرَّم القينَة، وبيعَها وثمنَها وتعليمَها والاستماعَ إليها"، ثمّ قرأ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (¬2). ورواه الترمذي (¬3) من حديث أبي أمامة،
¬__________
(¬1) انظر تفسير الطبري (18/ 534 وما بعدها)، وابن كثير (6/ 2739)، و"الدر المنثور" (11/ 615 وما بعدها).
(¬2) أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (25)، والطبراني في "الأوسط" (5/ 265، 7/ 430، 9/ 246) وإسناده ضعيف. ضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 573) ونقل عن البيهقي أنه قال: ليس بمحفوظ. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 91): فيه اثنان لم أجد من ذكرهما، وليث بن أبي سليم وهو مدلس. وانظر "الدر المنثور" (11/ 616).
(¬3) برقم (1282، 3195) وقال: هذا حديث غريب، إنما يُروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث.