كتاب الكلام على مسألة السماع (اسم الجزء: 1)

يقال: سمَدَ فلان إذا غنَّى (¬1). وقد فُسّر السمود باللهو، وفسّر بالإعراض، وفسّر بالغفلة، وفسّر بالأشر والبطر (¬2)، ولا ينافي تفسيره بالغناء، فإن الغناء ثمرة ذلك كله، فإن الحامل عليه اللهو والغفلة والإعراض والأشر والبطر، وذلك كله منافٍ للعبودية.
وقال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] قال مجاهد: هو الغناء والمزامير (¬3). وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صوتًا أحمَق فاجرًا"، ولو كان مباحًا لما كان فاجرًا، فروى البخاري في صحيحه (¬4) من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: "دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حِجْره إبراهيم يعني ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يجود بنفسه، وعيناه
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري (22/ 97)، والبزار كما في "مجمع الزوائد" (7/ 116)، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وانظر "الدر المنثور" (14/ 60).
(¬2) انظر "تفسير البغوي" (4/ 257) و"زاد المسير" (8/ 86)، و"تفسير القرطبي" (17/ 123).
(¬3) أخرجه الطبري (14/ 657)، وابن أبي حاتم كما في "إغاثة اللهفان" (1/ 255). وانظر "الدر المنثور" (9/ 396).
(¬4) هو عند البخاري في "صحيحه" (1303) عن أنس بن مالك بلفظ آخر. وما ذكره المؤلف أخرجه أبو يعلى والبزار كما في "مجمع الزوائد" (3/ 17)، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه كلام، وأخرجه الترمذي (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم. . . إلخ. وقال: حديث حسن. واضطرب فيه ابن أبي ليلى. انظر علل الدارقطني (12/ 448).

الصفحة 25